الأثنين 17 ربيع الأول 1445هـ - 2 أكتوبر، 2023

ما واقع ومستقبل النفط السوري؟

img

الأحد, 27 فبراير, 2022

3

على مر التاريخ تعد سوريا من الدول ذات الإنتاج المتوسط من النفط. ولكن تشير الدراسات والمسوحات الجيولوجية الحديثة إلى وجود احتياطات كبيرة من النفط والغاز في مناطق مختلفة من سوريا. وهي التي من الممكن أن تؤهّلها لتكون من كبار المنتجين المستقبليين. والسؤال هنا: ما واقع ومستقبل النفط السوري؟

متى بدأ إنتاج النفط في سوريا؟

في الواقع بدأ إنتاج النفط رسمياً في سوريا عام 1968. وفي عام 1980 تم تأسيس شركة الفرات للنفط التي كانت تقوم بأعمال التنقيب واستثمار حقول النفط في سوريا. وتوزعت حصصها بواقع 65% للدولة السورية و35% لمجموعة شركات أجنبية ترأسها شركة شل الهولندية. إضافة إلى شركات مختلفة مثل شركة ليدز وشركة بترو كندا المحسوبتين على بعض رجال الأعمال النافذين.

كما أكدت نشرة إكونوميست إنتالجينس يونت أن إنتاج النفط السوري بين أعوام 1995-2004 تجاوز 600 ألف برميل يومياً. حيث لم تسجل هذه الأرقام في منظمة أوبك كون أغلب النفط السوري كان يباع بالسوق السوداء. كما تشير بيانات موقع “بريتش بتروليوم” للنفط إلى أن إنتاج النفط في سوريا انخفض عام 2011 ليصبح 353 ألف برميل يومياً.

كيف أثّرت الحرب في سوريا على اقتصاد النفط؟

في الحقيقة أثرت الحرب في سوريا بشكل كبير على كافة مناحي الاقتصاد في سوريا. ومنها اقتصاد النفط. وقدرت خسائره حسب بيانات الأمم المتحدة بأكثر من 91 مليار دولار أمريكي خلال العشر سنوات. كما انخفض الإنتاج بشكل متتالٍ خلال سنوات الحرب ليصل إلى 24 ألف برميل بعد عام 2018 وحتى يومنا الحالي.

علاوة على ذلك تسيطر قوات سوريا الديمقراطية وتحالف من القبائل في شرق سوريا الآن على نحو 70% من موارد النفط السوري. وتتوزع حقول النفط السورية على محافظتَي الحسكة بواقع 6 حقول ودير الزور بواقع 4 حقول ومنطقة تدمر التابعة لمحافظة حمص (وسط البلاد) بواقع حقلين.

ومع ذلك تخضع جميع حقول النفط والغاز في محافظة الحسكة لسيطرة قوات “قسد”. أما حقول دير الزور فهي قسمان. الأول وهو الأكبر يخضع لسيطرة قسد. ويضم حقول النفط الكبرى والواقعة شرقي نهر الفرات. فيما يخضع للنظام حقل وحيد غربي النهر وهو حقل الورد. أما حقول تدمر من الغاز والنفط فجميعها تخضع لسيطرة النظام السوري.

وفي هذا المجال تُعد “قسد” من أكثر المستفيدين الحاليين من واقع النفط والغاز في سوريا. وتعمل على بيع النفط للنظام الذي يعاني من صعوبات في توفير الوقود بشكل كبير. إضافة إلى تصدير قسم منه لكردستان العراق حيث يتم تكريره وبيعه.

ما آفاق مستقبل النفط في سوريا؟

تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على أغلب حقول النفط السورية عبر وكلائها. وتتربع روسيا على عرش النفط والغاز الطبيعي السوري في البحر المتوسط عبر تحالفها مع النظام. ومِن ثَم يشتد الصراع بينهما للسيطرة على النفط والغاز السوري ولم يعد هذا الصراع خافياً على أحد. وفي الوقت نفسه تشير تقديرات مراكز البحث الجيولوجي العالمية إلى أن 38% من الثروة النفطية والغازية في سوريا تقع في البحر المتوسط و62% في الأراضي السوري.

كما تشير تقارير موقع “أويل برايسز” المتخصص في شؤون الطاقة إلى أن إجمالي الاحتياطي النفطي السوري يُقدّر بنحو 2.5 مليار برميل. وأن أكثر من 75% منها في حقول محافظة دير الزور. في حين قدّرت هيئة المسح الجيولوجية الأمريكية حصة الجزء السوري بـ6.5 من مساحة الطاقة في حوض المتوسط وبحدود دنيا تصل لـ7 مليارات برميل من النفط. وبالتالي يمكن تقدير احتياطي النفطي السوري المستقبلي براً وبحراً بحدود 10 مليارات برميل.

ومع ذلك تكاد تكون روسيا هي المسيطر الأساسي على معظم ثروات سوريا بعقود مجحفة لسنوات طويلة. حيث وقّع الطرفان الروسي والسوري اتفاق “عقد عمريت” في البلوك 2 شمال طرطوس إلى جنوب بانياس في 2013. كما تم منح شركة كابيتال الروسية عام 2021 حقاً حصرياً في التنقيب عن البترول وتنميته في البلوك البحري (1). في حين تسيطر القوات الأمريكية والروسية على معظم آبار النفط والغاز الموجودة في البر السوري.

وعلى الرغم من الثروات الباطنية الواعدة في سوريا. إلا أن السؤال الأهم الذي يُطرح هنا. ما الفائدة المرجوة للمواطن السوري من هذه الثروات في ظل ظهور سيطرة وعقود مجحفة لفترات زمنية طويلة لحلفاء النظام السوري؟

في النهاية لم ينتعش المواطن السوري اقتصادياً على مر التاريخ من ثروات بلاده الباطنية. فكانت المعاناة والفقر وانخفاض مستوى الدخل نموذجاً للحياة لعقود ماضية طويلة. وفي ظل هذه العقود الاستثمارية المجحفة سيستمر نهب الثروات إذا لم يتم إعادة النظر بالعقود الموقعة. وهذا لن يتم بدون وجود حكومة قوية قادرة على تحصيل حقوق الشعب.




المنشورات ذات الصلة