الأثنين 10 ربيع الأول 1445هـ - 25 سبتمبر، 2023

ما أهمية دراسة الجدوى في إنجاح برامج التمكين؟

img

الأحد, 27 فبراير, 2022

3

في الحقيقة تعد دراسة الجدوى الاقتصادية من أهم الخطوات الأولية لنجاح مشاريع التمكين الاقتصادي. فمن جهة تساعد دراسات الجدوى الاقتصادية الجهات المموّلة لبرامج التمكين على الاختيار بين المشاريع المقدمة حسب العائد المتوقع للمشروع ودرجة الاستمرارية. ومن جهة أخرى تعطي دراسة الجدوى رؤية قانونية وتسويقية وإدارية وفنية ومالية واضحة لصاحب المشروع. إضافة إلى العائد المادي المتوقع من هذا المشروع. والسؤال هنا: ما أهمية دراسة الجدوى في إنجاح برامج التمكين؟

ما مفهوم دراسة الجدوى الاقتصادي؟

بصفة عامة توجد علاقة وثيقة بين دراسات الجدوى الاقتصادية وطبيعة القرارات الاستثمارية. فكلما اعتمد القرار الاستثماري على دراسات شاملة ودقيقة وموضوعية وعلمية كانت القرارات أكثر نجاحاً وأماناً في تحقيق الأهداف. وعادة ما تركز الجهات الممولة على دراسات الجدوى الاقتصادية الواضحة الأهداف. في حين يتم استبعاد المشاريع التي لا تتضمن دراسات جدوى واضحة حقيقية.

بصورة شاملة دراسة الجدوى الاقتصادية تقوم بدراسة كافة جوانب المشروع الفنية والتسويقية والتشغيلية والمالية. من خلال جمع معلومات عن المشروع المقترح. ومن ثَم تحليلها لمعرفة إمكانية تنفيذه. وتقليل المخاطر وتعزيز ربحية المشروع. وبالتالي يجب معرفة مدى نجاح هذا المشروع أو خسارته. والتي من خلالها يمكن التوصّل إلى اختيار بديل أو فرصة استثمارية من بين عدة بدائل أو فرص استثمارية مقترحة.

عادة ما تسعى دراسة الجدوى الاقتصادية لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الاقتصادي تتجاوز مصلحة أصحاب المشروع. وتساعد جهات التمويل في تحقيق الأهداف. والتي تتمثل في زيادة الإنتاج وتعظيم الربحية والاستخدام الأمثل لعوامل الإنتاج ودعم الإنتاج المحلي. بالإضافة إلى توفير المواد الأولية للصناعات التحويلية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي .. إلخ.

في الواقع برامج التمكين الاقتصادي تعمل على تعبئة الجهود لمساعدة الفقراء اقتصادياً. بدلاً من توفير الرعاية الاجتماعية والإنفاق عليهم. وعادة ما تسعى برامج التمكين الاقتصادي إلى توفير الدعم المالي للمشاريع الاقتصادية التي تحقق عائداً وربحية واستمراراً مستقبلياً. كما تساعد في توفير فرص عمل حقيقية وتقلل من حدة الفقر.

أهمية دراسة الجدوى الاقتصادية في إنجاح برامج التمكين:

عادة ما تسعى برامج التمكين الاقتصادي لتحقيق مجموعة من الأهداف من خلال تقديم المنح والقروض والتدريب والاستشارات. وفي هذا المجال فإن أي مشروع اقتصادي لا يحقق عائداً ومنفعة سوف يشكل خسارة للجهات الممولة لبرامج التمكين. حيث أكدت التجربة الهندية أن ما يقارب من 7% من المشاريع الصغيرة الممولة في عام 2017 ضمن برامج التمكين الاقتصادي فشلت في الاستمرار. نتيجة لعدم دراسة السوق وتقدير العائد المتوقع بشكل صحيح.

وفي نفس الوقت عادة ما تقسم دراسة الجدوى الاقتصادية إلى عدة أقسام. أهمها الدراسة التسويقية التي تبين المنافسين والحصة المتوقعة للمشروع من السوق. بالإضافة إلى الدراسة الفنية التي تبين رأس المال الثابت والمتغير وتكاليف التشغيل المطلوبة. والدراسة المالية التي تبين الإيرادات المتوقعة والربح السنوي وفترة استرداد رأس المال.. إلخ. إن كافة المؤشرات السابقة تساعد الجهة المموّلة وصاحب المشروع في بيان درجة نجاح واستمرارية المشروع.

كما تشير تقارير الحكومة الهندية إلى أن برامج التمكين للمشاريع الصغيرة التي موّلت بمبلغ تجاوز 50000 دولار قد حققت نتائج إيجابية. وحققت الأهداف المرجوة منها. في حين لم تحقق المشاريع المتناهية الصغر التي مُوّلت بأقل من 5000 دولار النتائج المرجوة منها. نتيجة لعدم جدواها الاقتصادية واستمراريتها.

ما حجم تمويل المشاريع الصغيرة في الداخل السوري؟

تعاني مشاريع التمكين الاقتصادي من مشكلة انخفاض قيمة المبالغ المموّلة في العديد من البلدان. فعلى سبيل المثال غالباً ما يتم تمويل المشاريع متناهية الصغر بمبالغ وسطية لا تتجاوز 2000 دولار في الشمال السوري. في حين أن المشاريع التي تحتاج لتمويل يتجاوز 50000 دولار نادراً ما تحصل على التمويل. وهذا ما يؤدي إلى عدم تقديم دراسة جدوى اقتصادية حقيقية عن المشروع نتيجة لارتفاع تكلفتها مقارنة برأس المال المموّل.

تعد تجربة التعافي المبكّر من التجارب المهمة في الداخل السوري. حيث تم إدراك دورها كمحرك رئيسي لتخفيف حدة الفقر ودعم تقدم عجلة التنمية. من خلال الاعتماد على دعم المشاريع المتناهية الصغر. إلا أن برامج التمكين الاقتصادي ما زالت غير منظمة. حيث يتم التمويل حسب توجهات الجهة الممولة من جهة. بالإضافة إلى صغر مبالغ التمويل من جهة أخرى. وهذا ما يؤدي لعدم وجود دراسات جدوى حقيقية لأغلب المشاريع. مما يؤدي إلى عدم تحقيقها للهدف الاقتصادي والاجتماعي المرجو منها.

في الحقيقة توجد علاقة بين دراسات الجدوى ومبالغ التمويل. فكلما زاد مبلغ التمويل الذي تقدمه الجهات المموّلة لبرامج التمكين الاقتصادي كلما اشترطت وجود جدوى اقتصادية حقيقية وواقعية. في حين كلما انخفض مبلغ التمويل كلما كانت دراسة الجدوى الاقتصادية غير حقيقية أو عبارة عن تقرير مالي مبسط.

في النهاية حتى يتم تحقيق الفائدة الاقتصادية لبرامج التمكين لا بد من تنظيمها تحت جهة إشرافية. ووضع خطط للمشاريع ذات البعد الاقتصادي الكلي المستدام الذي يحقّق الأهداف الاجتماعية والتنموية من جهة. بالإضافة إلى التركيز على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الجدوى الاقتصادي من جهة أخرى. وهذا يتطلب جهداً كبيراً من قبل الجهة الإشرافية للتنسيق مع الجهات الممولة لوضع رؤية مستقبلية. علاوةً على تنظيم عمل برامج التمكين لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الفائدة والجدوى الاقتصادية الأكبر.




المنشورات ذات الصلة